الحُدود تُساعَدنا عَلى الاسْتقَامة
"لا أحبُ الحدود".. هذا ما أخبرنِي صَديقي بِه...!!
لا علاقة بالتالي فيما دارَ بيني وبين صَديقي فِي ذَاتِ صَباح
مِن بَاب عَادتي التِي أحُبها كَثيراً حَين تجوُل كلمة فِي الأرجاء وأذَهب بِها لِعوُالِم أُخرَى قَد لا يَصلُ إليها أحد، تَكون لِي وحدي كأنّ أبنيها بلبةِ فِكر وقد تَكون للجميِع، يُشاركني بها أشخاصٌ قد جالوا بِما ذَهبتُ إليه. المهم هيَ أنها ساحةٌ مليئة وفَارغة فِي الوقتِ ذَاته قد تبقى حَبيساً للفِكرَة التِي تَقُودكَ إليها هذهِ العُوالِم، قَد تُصِبح جُزءاً مِنك، قَد تَزدادُ مِنها خَيراً فَوق خَيِر، وقَد تَصنعُ تغيراً.
ولكِن يَا صَدِيقي.. الحدُود تُساعدنا عَلى الاسْتِقَامة
أخَبرتُه بِذلِك وقد سَقطتُ مِنْ آخِر نُقطَة فِي "الاسْتِقَامة" لِذَلك العَالِم... وصَدِيقي لا يَعِلم.
كَم مِن مَرة عَرجتَ فِيها ومالَ بِكَ مَا مَال حَتى كُنتَ تَسقُط، لأن تِلك الحُدَود التِي لا نُحبَها قَد تَجاوزنَاها، لمْ نَتبعُها، قَررنا أنْ نُمحِيهَا ونَختَار طَرِيقاً بِلا حدُود، بِلا خَرِيَطة؟
كَم مِنْ مَرة كُنتَ تتَخبط فِيهَا وتَتقاطِع خُطوط كَثيِرة دَاخِلك يَمِيل بَعضَها ونَادِراً مَا يَستقِيم.. بِلا حُدود ولا إتباعٍ لهَا؟
كُنت أجُول فِي عَالماً دِينياً يَرسُم طَرِيق حَياة... سَبعةَ عَشرة مَرة نُكرِر ونَحنُ نَقِف مُصطَفِين فِي خُطوطٍ تَامة الاسْتِقَام وحَين يَعرُجُ فَردٌ مِنا نَشدهُ لجَانِبنَا، هُنَا الخَط، هُنَا الحَد.. بانتِظَام وليسَ عَبثيِة، عَلى الحَدِ نَستَقِيم.
نُكرِر يَارب.. “اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ"
صَرِاطَك الذَي رَسمتُه لِنَا.. وأنتَ تَعلُم اعْوُجَاجنَا دُونِه، وأنتَ تَعلُم احْتِيَاجِنا إليه.. كِي نَسْتَقِيم!
حِين نَنتهكُ أمراً قَد علمناً حُرمَتهُ عِندَ الله.. وقَد عَلمنَا حُدودَه، حِين نَعلم ونَقرَأ ونَرى كُل خَط وكُل حَد ونَختار دُوَنه
أتظنُ أننَا نَسْتَقِيم؟ لا اسْتِقَامة دُون حَد.
كُلمَا تَخبط قَلبك وانحَاز وبَدأ يَرسُم خُطوطاً تَنعرِج يَومً بَعد يَوم.. ارجِع لحدّه،
تَمسك بِه بِقَلبِك قَبلَ كُل شَيء لأنَ قَلبك ذَاتِه سِيحَاول دَفعكَ بَعِيداً عَنه.
كُنا نُردد دَوُماً " لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما".. رُبمَا لأننا كُنا لا نَعرِف مَعنَى الحُب، عِندَما كُنا صِغاراً رَددنَا "أُحِبك" حَتى زَهق مِنَا مَن حَولنَا.. وحِينَ وعَيِنَا، أدرَكنا مَعنى الحُب. أنَّه أنْ تَرضى وتَستَسلِم بِما يُملِيه عَليكَ الحَبيب. أنَّه حِين يَقول لكَ أفعَل، تَفْعل. وحِين يَأمُرك تَرضَى دُونَ أنْ تَسأل. أنَّه حِين يُملئ عَليكَ مَنهجُه وحُدُوده ومَا يُرضِيه تَقول أنَا عَليِه، أنَا عَليِه.. وتَرضَى.
وأنَّه لَنْ نُؤمِن إلا حِين نُحِبه ونُحِب حُدُوده تِلك، جَمِيعَها، دُونَ اسْتِثنَاء.. ونَتبِعُهَا، كَيِ نَسْتَقِيم.